مصطلحات الخط العربي
الأربعاء 16 فبراير 2022
من المواضيع التي أجمع عليها المتخصصون بالفنون والكتابة؛ التأكيد على أنَّ الخط العربي هو الفن الإسلامي الأول، بما نال عند العرب والمسلمين من العناية والتفنن ما لم ينله خط عند أمةٍ من الأمم، فجعلوه فناً قائماً بذاته، ونقلوه من مجرد الكتابة التي تنقل المعرفة والأفكار إلى كتابةٍ فنية مجودة مبنية على أصول ثابتة ونسب محددة لصور الحروف المفردة وأوضاعها وكيفية تركيبها.
وللتطرق لمراحل تطور الخط العربي عبر العصور لا بد أن نستهل الحديث عن نشأة الكتابة التي تجسدت في مركزين حضاريين وهما بلاد ما بين النهرين وواد النيل؛ حيث ابتكر السوماريين الخط المسماري (٣٠٠٠ ق.م)، وابتدع المصريين الكتابة الهيروغليفية (٣٣٠٠ – ٣٢٠٠ ق.م).
وبعد عدة مراحل مرت بها الكتابة انتشر خط المسند في الجزيرة العربية، والذي كان استخدامه محصوراً في بعض المراسلات التجارية، وكذلك انتشر الخط الفينيقي في بلاد الشام، وتفرعت منه عدة خطوط، منها الخط الآرامي الذي تفرع منه الخط النبطي، الذي اشتق العرب خطهم منه بعد ذلك.
ومع ظهور الإسلام حدثت النقلة الحقيقية الأولى في تطور الخط العربي، إذ حث القرآن الكريم على القراءة عبر أول آية نزلت منه "إقرأ"، وكون القراءة على ارتباط وثيق بالكتابة ولأهميتها في نشر المعرفة حث النبي صلى الله عليه وسلم على تعلمهما، ومن ثم كان لجمع القرآن وتدوينه الأثر الكبير في تطوير الكتابة وتنظيم قواعدها.
وتوالت مراحل تطور الخط العربي إلى أن ظهرت مدارس للخط في الكوفة، وهي التي ينسب إليها الخط الكوفي، مما أدى إلى انتشار هذا النوع من الخط في كافة البلدان.
وفي العصر العباسي أصبح الخط العربي فناً وعلماً له ملامحه وتقنياته الواضحة، وقام الوزير مقلة بضبطه ووضع المقاييس والقواعد له، وابتكر خط الثلث بحرفيته العالية، واستمر تطور الخط في هذا العصر حتى وصل إلى أكثر من ٨٠ نوعاً، وهذا دليل على مدى ما وصل إليه الخط العربي من تقدم فني حينها.
أما في رحاب الأندلس فقد طور الأندلسيون الخط القيرواني، ومن قرطبة التي اشتهرت بالتميز وبالعلم والعلماء تمت ولادة الخط الأندلسي والقرطبي.
وأما العصر العثماني فهو العصر الذي اُحتضن فيه الخط العربي واعتني به حتى نضج وأصبح ملء السمع والبصر في علوه وقيمته الفنية، والدليل على ذلك امتلاء مساجد الخلافة العثمانية وقببها ومبانيها بالخطوط الرائعة والزخارف الجميلة لكبار الخطاطين.
وإن تحدثنا عن تطور الخط العربي في العصر الحديث فيبدو ذلك جلياً بعد أن أصبح فناً تشكيلياً له عناصره ومقوماته الخاصة به، ويتباهى بجمالياته عشاق الفن وتقام لأجله المعارض المختلفة في أنحاء العالم؛ إسهاماً من خطاطي هذا العصر لإبراز الخطوط في الزخارف الفنية المرصعة على جدران المجالس والقاعات الكبرى، ومن ذلك ما يتزين به الحرمين الشريفين والمساجد في شتى بقاع المعمورة، وكلها إضافات لها بعدها الجمالي الذي يزيد من رفعة لغة الضاد.
المصدر: المصدر