مصطلحات الخط العربي
الأربعاء 16 فبراير 2022
برز في مجال الخط العربي رواد أصحاب إسهامات عظيمة في هذا العلم الجليل، وضعوا أصولاً وقواعد للخط العربي، يستنير بها من جاء بعدهم ويقتفون آثارها، من أولئك ابن مقلة الذي وضع قواعد لهندسة خط الحرف أساسها الألف والدائرة، تبعه ابن البواب الذي قدَّم قواعد أكثر إحكاماً، عندما أوجد قياساً للحروف أساسه النقطة.
كما برع خطاطون آخرون في تجويد الخط وتحسينه، يأتي في مقدمتهم الشيخ جمال الدين ياقوت المستعصمي، الذي لُقب باسم "قبلة الكُتّاب"، إذ بلغ درجةً كبيرة في جودة الخط وإتقانه، وقد سار على نهجه وطريقته من جاء بعده من الخطاطين.
ولا يمكن نسيان أحد أكبر الخطاطين وهو الأحول المحرر، أشهر الخطاطين في العصر العباسي، الذي كان وزير المعتصم معجباً بخطه ولا يدع أحداً يكتب له سواه، وهو من ابتكر عدة أقلام، منها "المسلسل" وهو خط متصل لا انقطاع بين حروفه، وكذلك "الحمام" الذي كان يستعمل لكتابة الرسائل، وأطلق عليه كذلك اسم "الغباري" و"الإجازة"، وهو خط قريب من الثلث والنسخي.
ونذكر من حال أبو علي محمد بن مقلة، الذي كان وزيراً للمقتدر وللقاهر بالله وللراضي بالله، أنَّ يده اليمنى قطعت بعد أن وشي به عند الراضي، فصار يكتب بيده اليسرى، وقيل كان يشد القلم على ساعده المقطوع عند الكتابة.
ومما اشتهر به ابن مقلة أنَّه كان بارعاً وحاذقاً في الكتابة بخط الثلث وقلم التوقيعات، وكان أسلوبه في الكتابة بخط الثلث مما تناقله الخطاطون والمحررون واتخذوه أسلوباَ لهم في الكتابة على نحو ما كان يكتب به ابن مقلة، ومن أشهر من أخذ بأسلوبه هذا الخطاط عبد الله بن أسد القاري، المتوفى في عام 410هـ-1018م، وكان يكتب الشعر بخط قريب من المحقق، وأخذ عن ابن أسد الخطاط الأشهر ابن البواب، ولعله تجاوز الوزير ابن مقلة في مقدرته على تجديد خط الثلث وتنويعه.
وحينما نتحول للحديث عن آخر الخطاطين المشهورين في بغداد، فإنّه لا يفوتنا أن نذكر حمد الله الأماسي الذي عرف بابن الشيخ، وكذلك ياقوت المستعصمي.
أما خطاطي هراة وبخارى في القرن الخامس عشر فإنَّ مير علي، الوزير والشاعر والموسيقي كان أشهر الخطاطين فيها، وإليه يرجع الفضل في ابتكار خط النستعليق، كما ظهر بعد ذلك في هراة الخطاط الشهير سلطان علي مشهدي وابنه سلطان محمد نور، وظهر في تبريز عبد الرحمن الخوارزمي وولده، وقد أدخلا تحسينات على خط التعليق.
ومن أشهر الخطاطين الأتراك وأغزرهم إنتاجاً، الحافظ عثمان بن علي، وكان معلماً للسلطان أحمد خان الثاني، وهناك أحمد قره حصاري، الذي اشتهر قبل الحافظ عثمان، وهو الذي أخذ الخط عن شيوخه، وابتكر طريقةً خاصةً به في الخط، ومازالت آثاره باقية في جامع السليمانية في إستانبول، ومن تلاميذه النجباء محمد جلبي، ولا يفوتنا أن نذكر أنَّ الأتراك العثمانيون هم من ابتكروا خط الرقاع أو الرقعة.
المصدر: المصدر